تم نشره في مجلة رابطة العالم الإسلامي – العدد443 –
رمضان 1422هـ , ديسمبر 2001م
قال تعالى: (السارق والسارقة فاقطعوا
أيديهما جزاءً بما كسبا نكالاً من الله).
قرار رباني حاسم؛ لحماية المجتمع الإنساني من جنايات السارقين والسارقات،
واعتداء المارقين والمارقات؛ لأن السرقة جريمة نكراء، تعرض امن المجتمع للخطر،
وتنشر الفوضى والفساد.
فإذا انتشرت هذه الجريمة في مجتمع ما فإنه يفقد مقومات الأمن والاستقرار،
ويحرم من التقدم والازدهار، بل يتهاوى إلى الخراب والدمار، ومن هنا جاءت هذه
العقوبة الصارمة ليس لقطع يد السارق او السارقة فحسب، بل لقطع دابر الجريمة؛ لكي
تنعم البشرية بالطمأنينة والاستقرار، ونعيش بأمن وسلام وحب ووئام.
إن هذه الجريمة النكراء لا يقرها أي قانون او نظام فضلاً عن النظام
الإسلامي الرباني، وتنشا في الغالب عند فقدان أو ضعف الوازع الديني عند الإنسان،
وغلبة الحرص والطمع عليه.
ولكن هناك نوعاً آخر من السرقة قد يقع فيها حتى الصالحون
أيضاً في حين غفلة دون أن يلقوا لها بالاً. وهي السرقة
التي ورد ذكرها في الحديث الذي رواه عدة من الصحابة عن رسول الله –صلى الله عليه
وسلم- أنه قال: (أسوأ الناس سرقةً من يسرق من صلاته،
قالوا: يا رسول الله، كيف يسرق من صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها) رواه أحمد
والطبراني والحاكم وغيرهم وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
فالتسرع في الصلاة وعدم إتمام الركوع والسجود وغيرهما من أركان الصلاة،
وفقدان الخشوع لله سبحانه وتعالى، والسهو والغفلة عن معانيها سرقة من أسوأ
السرقات؛ وذلك
لأن سارق المال يسرق شيئاً من حطام الدنيا قد يستفيد منها في الدنيا، ولكن سارق
الصلاة سرق شيئاً خسر فيه جهده ووقته في الدنيا وأجره في الآخرة، فكانت خسارته
أفدح وضرره أكبر، فركعتان مقبولتان يأتي بهما العبد عند الله يوم القيامة بل
تسبيحة واحدة، أو تكبيرة واحدة خير للعبد يوم القيامة من الدنيا وما فيها.
روى أبو هريرة –رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه مر بقبر
فقال: (من صاحب هذا القبر؟ فقالوا: فلان، فقال: ركعتان أحب إلى هذا من بقية
دنياكم) رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن.
وإذا قام العبد يصلي أقبل إليه الرب
عز وجل. فقد روى أبو ذر –رضي الله عنه- في
صلاته عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لا يزال الله مقبلاً على العبد
في صلاه ما لم يلتفت، فإذا صرف وجهه انصرف عنه) رواه أحمد
والنسائي وغيرهما.
ولقد اهتم الإسلام
بالصلاة اهتماماً بالغاً فهي أهم أركان الإسلام بعد التوحيد، وهي أو ما يسأل عنها
العبد يوم القيامة، وقد ورد في التأكيد عليها وبيان تفاصيلها وصفتها من الآيات
والأحاديث ما لم يرد في غيرها من العبادات.
إن العبد قد يؤدي الصلاة وهو يظن أنه يحسن صنعاً، ولكنها لا تجدي شيئاً عند
الله تعالى، فقد روى أبو هريرة –رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه
قال: (إن الرجل يصلي ستين سنة وما تقبل له صلاة، لعله يتم الركوع ولا يتم
السجود، ويتم السجود ولا يتم الركوع) رواه أو
القاسم الأصبهاني بإسناد حسن. وروى أحمد وأبو داوود
وغيرهما عن أبي مسعود البدري قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: (لا تجزئ صلاة
الرجل حتى يقيم ظهره في الركوع والسجود). والصلاة
التي لا تؤدى بهدوء وسكينة شبهها الرسول –صلى الله عليه وسلم- "بنقرة
الغراب" ، وقال: (مثل الذي لا يتم ركوعه
وينقر في سجوده مثل الجائع يأكل التمرة والتمرتين لا يغنيان عنه شيئاً).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق