نُشر في مجلة الرابطة -
العدد ٤٥٧ - صفر ١٤٢٤هـ
ما أشد ذلك الموقف وما أحرجه !
رجل
غني، ثري، يملك من عرض الدنيا الشيء الكثير،
وله
من الجاه والقوة والعزة والمنعة ما يغبطه عليه الآخرون ويتمنون أن يكون لهم شيء من
مثل ما لهذا.
يا ليت لنا مثل ما أوتي فلان!
ليس
هذا فحسب !
بل له
النصيب الوفير من الدين والخير ووجوه البر والإحسان أيضاً.
وله
من الصلاة والصوم والزكاة وغيرها من الحسنات ما يشار إليه بالبنان.
ولكنه مع كل هذا متهاون في جانب من جوانب حقوق الإنسان على أخيه الإنسان.
لا يلقي له بالاً، ولا يشعر أنه سيكون عليه وبالاً.
فيأكل
حقوق الناس ولا يبالي.
وينال
من أعراضهم وأنفسهم بالسب والشتم والإيذاء دون خوف ولا وجل.
كيف
وانه القوي العزيز الذي لا يقاوم، وهو العزيز الكريم الذي لا يلام على ما اجترح واكتسب،
يظلم
الناس فلا يستطيعون أن ينبسوا عليه ببنت شفة أمام سطوته وقوته.
يتطاول
عليهم بيده ولسانه وأعوانه فلا يستطيعون أن يحركوا ساكناً أمام شوكته وجبروته.
بل قد يجد ممن حوله من يكيل له من المدح والثناء
وتنظم له من القصائد والمدائح ما يتسابق فيه الفصحاء والبلغاء.
ولكن في ذلك اليوم يجد هذا الإنسان نفسه في غاية الضيق والشقاء.
ويفقد فيه كل ما كان لديه من الجاه والمال والقوة والمنعة.
يحيط به الغرباء من كل جانب فيطالبون بحقوقهم وما استباح من أعراضهم وأموالهم.
ذلك
اليوم الذي حذرنا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: (أتدرون من المفلس؟
قالوا:
المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع.
قال:
المفلس من أتى يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال
هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا. فيعطي هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإذا فنيت حسناته
قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم وطرحت عليه، ثم طرح في النار)
إن الظلم والبغي في الأرض
وأكل أموال الناس بالباطل
والنيل من دمائهم وأعراضهم بالقتل
أو حتى الإيذاء بالسب والشتم
أمر خطير جداً
فإنه من حقوق العباد التي لا تغفر حتى بالتوبة.
وقد وردت آيات وأحاديث كثيرة تحذر من الظلم والبغي، فما أشد قوله تعالى:
فأغننا اللهم بحلالك عن حرامك
وبفضلك عمن سواك
ولا تجعلنا من المفلسين يوم يقوم الناس لرب العالمين.
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
ردحذف